تعتبر السيطرة على العقل هي التحكم الناجح في أفكار وأفعال شخص آخر دون موافقته/موافقتها. وبشكل عام ، فإن المصطلح يعني أن الضحية تتنازل عن بعض المعتقدات والمواقف السياسية أو الاجتماعية أو الدينية الأساسية وتقبل الأفكار المناقضة. وكثيراً ما يستخدم مصطلح (غسيل المخ) بشكل واسع للإشارة إلى الاقتناع عن طريق الدعاية.
هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة حول السيطرة على العقل. ويعتقد بعض الناس أن السيطرة على العقل تشمل جهود الآباء في تربية أبنائهم وفقاً للمعايير الاجتماعية والثقافية والأخلاقية والشخصية. كما يعتقد البعض أنها سيطرة على العقل لاستخدام تقنيات تعديل السلوك لتغيير سلوك المرء سواء عن طريق الانضباط الذاتي أو الإيحاء الذاتي أو من خلال ورش العمل والعيادات. ويرى الآخرون أن الإعلانات والإغواء الجنسي هي أمثلة من السيطرة على العقل. ولا يزال يعتبرها الآخرون بمثابة تحكم في العقل لتخدير امرأة ما من أجل استغلالها أثناء وقوعها تحت تأثير التخدير. ويرى البعض أنها تحكم في العقل يظهر عندما يستخدم الضباط العسكريين أو ضباط السجن التقنيات التي تقلل من محاولات المجندين أو السجناء لخرق القواعد وجعلهم أكثر توافقاً معها. وقد يعتبرها البعض بمثابة تحكم في العقل للمدربين أو مشرفي الخفر للتهديد والتقليل من العقاب البدني أو الإجهاد الجسدي من فرط التمارين الرياضية للمتدربين من أجل كسر غرورهم وغرس مبدأ روح الفريق أو تحديد المجموعة.
وتسمى بعض التكتيكات لبعض مجموعات الإمكانيات البشرية والروحية والدينية من المجندين أو الفئات العمرية الجديدة بتكتيكات السيطرة على العقل. ويعتقد الكثيرون بأن ضحايا الخطف الإرهابي الذين يعتنقون أو يتعاطفون مع أيديولوجية الخاطف هم ضحايا للسيطرة على العقل (والتي تسمى متلازمة ستوكهولم ). وبالمثل ، فإن المرأة التي تبقى مع رجل معتدي أو مسيء ، كثيراً ما ينظر إليها باعتبارها ضحية للسيطرة على العقل. ويرى الكثيرون أن الرسائل اللاشعورية في (موسيقى موزاك) أو في الإعلانات أو على أشرطة المساعدة الذاتية هي بمثابة شكل من أشكال السيطرة على العقل. ويعتقد الكثيرون أيضاً بأنها بمثابة تحكم في العقل باستخدام أسلحة الليزر أو العناصر المشعة أو المولدات الصوتية أو مولدات النبض الكهرومغناطيسي الغير نووية أو بواعث الموجات الدقيقة ذات الطاقة العالية لإرباك أو إضعاف الناس. ويعتبر الكثيرون أن تكتيكات "غسيل المخ" (مثل التعذيب ، والحرمان الحسي ، وما إلى ذلك) التي استخدمها الصينيون خلال الحرب الكورية ، وكذلك الزومبيين المزعومين في "الفودو" هي محاولات للسيطرة على العقل.
وأخيراً ، لا يمكن لأحد أن يشك بأنها حالة واضحة من السيطرة على العقل للقدرة على التنويم المغناطيسي أو البرمجة الإلكترونية لشخص ما بحيث يقوم بتنفيذ الأوامر الموجهة إليه/إليها دون أن يدرك بأنه تحت تأثير التحكم في سلوكه.
مصطلح بهذا النقص في التحديد يعتبر بدون فائدة. وعند تضييق التحديد فإن أول شيء ينبغي فعله هو القضاء - كأمثلة على السيطرة على العقل – على تلك الأنشطة التي يختار فيها الشخص التحكم في سلوكه بحرية. وتعتبر السيطرة على أفكار وأفعال الفرد سواء عن طريق الانضباط الذاتي أو بمساعدة الآخرين ، هي موضوع مثير للاهتمام ومهم ، ولكنها لا تشبه غسيل المخ أو برمجة الناس بدون موافقتهم.
واستخدام الترهيب أو القوة لإكراه أو استغلال الناس حتى يقوموا بفعل ما يراد منهم لا ينبغي أن يصنف بمثابة سيطرة على العقل. كما أن محاكم التفتيش لم تنجح في الاستيلاء على عقول ضحاياهم. وبمجرد توجيه التهديد بالعقاب ، فإن المعتقدات المبتزة تتلاشى. وأنت لا تستطيع السيطرة على عقل شخص ربما يهرب منك لحظة أن تدير ظهرك له.
والسيطرة على امرأة عن طريق المخدرات حتى تتمكن من اغتصابها لا تعتبر سيطرة على العقل. كما أن استخدام صاعق كهربائي لإصابة الناس بالصداع أو لتضليلهم لا يعتبر مثل السيطرة عليهم. ولا يمكنك السيطرة على أفكار أو أفعال شخص ما فقط لأنه يمكنك أن تفعل ما تريد منه أو جعله غير قادر على فعل ما يحلو له. وهناك عنصر أساسي في السيطرة على العقل ينطوي على السيطرة على شخص آخر ليس فقط بوضعه خارج نطاق السيطرة أو فعل أشياء له تجعله بدون تحكم.
بعض أكثر المفاهيم الخاطئة شعبية حول السيطرة على العقل نشأت في أعمال الخيال مثل فيلم"مرشح منشوريا" Manchuria Candidate حيث تم في ذلك الفيلم برمجة قاتل حتى يستجيب لإرادة منوم مغناطيسي ومن ثم يرتكب جريمة قتل ولا يتذكر عنها شيئاً فيما بعد. وهناك كتب وأفلام أخرى تصور التنويم المغناطيسي كأداة قوية تمكن المنوم المغناطيسي من الممارسة الجنسية مع امرأة جميلة أو برمجتها لتصبح إنسان آلي يعمل كساعي أو قاتل ، الخ . وهناك أحد الكتب يزعم بأنه "يستند إلى قصة حقيقية " وهو كتاب : السيطرة على كاندي جونز (الصادر عن دار نشر بلاي بوي في عام 1976) لمؤلفه "دونالد بين". ولتكون قادراً على استخدام التنويم المغناطيسي على هذا النحو القوي ، لا تحتاج سوى لقليل من التمني.
والأعمال الخيالية الأخرى التي تستخدم العقاقير أو الأجهزة الإلكترونية ، بما في ذلك عملية زرع المخ ، تم استخدامها للسيطرة على سلوك الناس. وهي بطبيعة الحال تثبت أن حدوث تلف في المخ أو التنويم المغناطيسي أو المخدرات أو التحفيز الكهربائي للمخ أو الشبكة العصبية يمكن أن يكون له تأثير سببي على الأفكار والحركة الجسدية والسلوك. ومع ذلك ، فإن الحالة المعرفية البشرية تحت تأثير مادة كيميائية أو تحفيز كهربائي للمخ تكون أكثر فقراً بحيث يستحيل استخدام المعرفة والتكنولوجيا الحديثة لفعل أي شيء يقترب من هذا النوع من السيطرة على العقل الذي تم تصويره في أعمال الخيال.
ويمكننا أن نفعل الأشياء التي يمكن التنبؤ بها مثل التسبب في فقدان ذاكرة معينة أو الإثارة لرغبة معينة ، ولكن لا يمكننا أن نفعل هذا بطريقة غير تدخلية أو القدرة على السيطرة على مجموعة كبيرة من الأفكار أو الحركات أو الأفعال. ومن المؤكد أنه يمكن تصور أننا سنكون في يوم ما قادرين على تصميم الجهاز الذي إذا تم زرعه في المخ فإنه سيمكننا من السيطرة على الأفكار والأفعال من خلال التحكم بواسطة مادة كيميائية معينة أو محفزات كهربائية معينة. ومثل هذا الجهاز غير موجود الآن ولا يمكن أن توجد معرفة به في مجال علوم الأعصاب. (ومع ذلك ، وضع اثنين من علماء الأعصاب بجامعة إيموري وهما الدكتور روي باكاي والدكتور فيليب كينيدي ، طريقة لزرع المخ الإلكتروني والتي يمكن تفعيلها من خلال الأفكار وهذا بدوره يمكن أن يتحرك بمؤشر كمبيوتر) .
يبدو أيضاً أن هناك اعتقاد متزايد بأن حكومة الولايات المتحدة ، من خلال فروعها العسكرية أو وكالاتها مثل وكالة الاستخبارات المركزية ، تستخدم عدداً من الأجهزة الرهيبة بهدف تعطيل المخ. وهناك أمثلة تم ذكرها مثل أسلحة الليزر أو العناصر المشعة أو المولدات الصوتية أو مولدات النبض الكهرومغناطيسي الغير نووية أو بواعث الموجات الدقيقة ذات الطاقة العالية. ومن المعروف أن الوكالات الحكومية قامت بتجارب على البشر للسيطرة على العقل بعلم وبدون علم الأشخاص مواضيع الدراسة (شيفلين 1978).
ولا ينبغي وصف إدعاء هؤلاء الذين يعتقدون بأنهم وقعوا كضحايا لتجارب السيطرة على العقل بدون رغبتهم بأنها مستحيلة أو غير واردة. وبالنظر إلى الممارسة السابقة ذات الطبيعة الغير أخلاقية بواسطة الوكالات العسكرية والاستخباراتية ، فإن مثل تلك التجارب ليست غير قابلة للتصديق. ومع ذلك ، لا ينبغي اعتبار مثل هذه الأسلحة التجريبية التي تهدف إلى تعطيل عمليات المخ بأنها أسلحة للسيطرة على العقل. ولا يعتبر إرباك أو تضليل شخص بطرق أخرى من طرق الإضعاف من خلال المواد الكيميائية أو بطريقة إلكترونية هو بمثابة سيطرة على هذا الشخص. ولجعل شخص يفقد السيطرة على نفسه ليس هو نفس الحال مثل السيطرة عليه ، وهناك أمر شبه مؤكد أن الحكومة الأمريكية غير قادرة على السيطرة على عقل أي شخص ، على الرغم من أنه من الواضح أن العديد من الناس في العديد من الحكومات يلهثون وراء تلك السلطة.
وعلى أية حال ، فإن بعض الادعاءات التي أدلى بها هؤلاء الذين يعتقدون أنهم خضعوا للسيطرة عليهم بواسطة هذه الأسلحة الإلكترونية تبدو غير معقولة. على سبيل المثال ، الاعتقاد بأنه يمكن استخدام الموجات اللاسلكية أو الموجات الدقيقة لجعل شخص ما يسمع أصوات موجهة إليه بالذات ، يبدو أمراً غير مرجح. ونحن نعلم أن الموجات اللاسلكية والموجات من جميع أنواع الترددات تعبر باستمرار من خلال أجسادنا. والسبب الذي يجعلنا نقوم بتشغيل الراديو أو التلفزيون لسماع الأصوات أو رؤية الصور التي تُبث عن طريق الهواء هو أن هذه الأجهزة لديها المستقبلات التي "تترجم" الموجات في أشكال يمكننا سماعها ورؤيتها. وما نعرفه عن السمع والرؤية يجعل من المستبعد جداً مجرد إرسال إشارة إلى المخ يمكن "ترجمتها" لأصوات أو صور وتتسبب في سماع الشخص أو رؤيته لأي شيء. وربما قد يكون من الممكن في يوم ما تحفيز شبكة معينة من الخلايا العصبية إلكترونياً أو كيميائياً تمكن الشخص الخاضع للتجربة بأن يختار أصوات أو مشاهدات محددة لتظهر في وعيه ، ولكن ذلك يعتبر غير ممكن اليوم. وحتى لو كان ذلك ممكناً ، فإنه لا يتبع بالضرورة أن الشخص سوف يطيع أمر لاغتيال الرئيس لمجرد أنه سمع صوتاً يطلب منه القيام بذلك. ويعتبر سماع الأصوات هو أحد تلك الأشياء ، أما الشعور بالإرغام على الانصياع لها فهو شيء آخر تماماً.
ويبدو أن هناك عدداً من أوجه الشبه بين أولئك الذين يعتقدون بأنهم قد اختطفوا من قبل الكائنات الفضائية (اليوفو) وأولئك الذين يعتقدون أن عقولهم قد خضعت للسيطرة من قبل عمليات زرع بواسطة وكالة الاستخبارات المركزية. وحتى الآن ، ومع ذلك ، فإن مجموعة أصحاب "العقول التي تم السيطرة عليها" لم يتمكنوا من فهم "جون ماك" ، الطبيب النفسي في جامعة هارفارد والذي يدعي أن أفضل تفسير لمزاعم الاختطاف من قبل الكائنات الفضائية (اليوفو) تقوم على تجارب الاختطاف من قبل الكائنات الفضائية (اليوفو) وليس التخيل أو الأوهام. والشكوى العامة من السيطرة على العقل هو أنهم لا يستطيعون الحصول على معالجين حتى يأخذوا الأمر على محمل الجد. فهم يقولون أنه يمكنهم فقط العثور على معالجين يرغبون في علاجهم من الأوهام وليس مساعدتهم على إثبات أنهم خضعوا لتجارب السيطرة على العقل من قبل حكومتهم.
وبالتالي ، فإنه ليس من المحتمل أن يكون "الزومبيين الذين خضعوا لتجارب السيطرة على العقل من قبل وكالة الاستخبارات المركزية" متهمين بإصابتهم بأوهام زرعت في نفوسهم من قبل المعالجين والمختطفين من الكائنات الفضائية (اليوفو) ، لأنهم يدعون عدم القدرة على العثور على معالجين يتعاملون مع الأوهام لديهم بشكل جدي. وفي الواقع ، يعتبر الكثيرون منهم مقتنعون بأن معاملتهم كأشخاص مخدوعين هو جزء من مؤامرة للتغطية على تجارب السيطرة على العقل التي تتم عليهم. حتى أن البعض يعتقد بأن متلازمة الذاكرة الزائفة هي جزء من المؤامرة ، وهم يزعمون أن فكرة الذكريات الزائفة هي مؤامرة لمنع الناس من التعامل جدياً مع ادعاءات أولئك الذين يتذكرون الآن أنهم كانوا ضحايا لتجارب السيطرة على العقل في وقت ما في الماضي. ومن الصعب الاعتقاد بأنه لا يمكنهم العثور على مجموعة واسعة من معالجي العصر الجديد الغير أكفاء يكونون مستعدين للتعامل مع ادعاءاتهم بشكل جدي ، إن لم يكونوا على استعداد للزعم بأنهم وقعوا كضحايا لمثل هذه التجارب نفسها.
هناك ملاحظة خفيفة ، وهي وجود واحدة من أقل الأساطير حول السيطرة على العقل هي الفكرة القائلة بأن الرسائل المموهة هي وحدات تحكم فعالة للسلوك.
وعلى الرغم من انتشار الاعتقاد بقوة رسائل الإعلانات المموهة على نطاق واسع، فإن الأدلة على فعاليتها الكبيرة تستند على الحكايات والدراسات العلمية من قبل الأطراف المعنية بحيث يصبح البحث – بدون جدوى- عن الدراسات العلمية التي تثبت أن الرسائل الغير مسموعة مثل "لا تسرق" أو "أرجع ذلك" في موسيقى "موزاك" تخفف كثيراً من سرقة الموظفين أو العملاء ، أو أن الرسائل المموهة تزيد من مبيعات الوجبات الخفيفة في دور السينما.
ينبغي أن توضح الاعتبارات المذكورة أعلاه أن ما يعتبره الكثيرون سيطرة على العقل من الأفضل أن يوصف بمصطلح آخر ، مثل تعديل السلوك أو تعطيل الفكر أو تعطيل المخ أو التلاعب بالسلوك أو إكراه العقل أو التحرش الإلكتروني. فلا يمكن تحويل الناس الآن إلى روبوتات عن طريق التنويم المغناطيسي أو زرع المخ. وعلاوة على ذلك ، فإنه ينبغي توضيح حالة المعرفة في مجال علوم الأعصاب وتقنيات السيطرة الفعالة على العقل التي يحتمل أن تكون بسيطة ويكون فهم آلياتها فهماً ناقصاً.
وهكذا ، إذا أردنا تقييد مصطلح "السيطرة على العقل" لتلك الحالات التي يستطيع فيها الشخص بنجاح السيطرة على أفكار أو أفعال شخص آخر دون موافقته ، فإن القائمة الأولية من الأمثلة على ما يعتبره الناس سيطرة على العقل تنحصر في خمسة بنود فقط هي : التكتيكات الروحية والدينية وغيرها للمجندين في العصر الجديد ، وتكتيكات الأزواج الذين يسيطرون على زوجاتهم ، ومتلازمة ستوكهولم ، وتكتيكات ما يسمى بغسيل المخ من قبل المحققين الصينيين على السجناء الأمريكيين خلال الحرب الكورية ، والخلق المزعوم للزومبيين في الفودو. ومع ذلك يمكن رفض الأخير حيث أنه يستند إما على الاحتيال أو على استخدام العقاقير لجعل الناس بلا إرادة.
- والفرد الذي يُرهب من قبل الزوج أو الزوجة أو العشيق ، لا يكون ضحية للسيطرة على العقل ، ولكن يكون ضحية للخوف والعنف. ومع ذلك ، يبدو أن هناك العديد من الحالات التي يكون فيها الشخص المضروب محباً بحق لشريك/شريكة الحياة ، ويعتقد بحق أن الضارب يبادله الحب. وتبقى الضحية معرضة للضرب مرة تلو الأخرى ، ليس بسبب مخاوف الضحية مما سيفعله المعتدي إذا قام بالرحيل ، ولكن لأن الضحية لا تريد حقاً أن ترحل. ولكن ربما لا تريد الضحية الرحيل لأنها أو أنه يعتمد كلياً على الحبيب / الضارب. ولا يبقى المعتدى عليه فقط لأنه ليس لديه أي مكان آخر يذهب إليه ، ولكن المعتدى عليه يحتاج للمعتدي ومن ثم يبقى لأنه يعتمد اعتماداً كلياً على الشخص المعتدي. وإذا استطاع رجل أن يقلل من شأن امرأة إلى حالة من التبعية الكلية ، فإنه يستطيع السيطرة عليها.
ولكن هل من الصحيح القول بأنه سيطر على عقلها؟ ، وإلى أي مدى - إن وجد- يستطيع الضارب سلب الإرادة الحرة لضحيته؟ بحيث يمكنه الحد من خياراتها ويكون البقاء معه هو الخيار الوحيد الذي تعرفه الضحية. وما هو احتمال حدوث ذلك؟ ويبدو من المرجح أنها سوف تحد من خياراتها الخاصة عن طريق ترشيد سلوكه وإقناع نفسها بأن الأمور ستتحسن أو أنها في الحقيقة ليست بهذا السوء. وإذا لم يستخدم الرجل القوة الغاشمة أو التخويف بالعنف للحفاظ على امرأة بجواره، حينئذ إذا ما بقيت ، فقد يكون ذلك بسبب الخيارات التي اتخذتها في الماضي ، حيث أنها في كل مرة تتعرض للاعتداء ، فإنها تختار البقاء. وربما اعتاد هو استخدام الحديث اللطيف والمغري معها لإقناعها بعدم المغادرة ، ولكن في وقت ما أثناء العلاقة تكون هي حرة في رفضه.
وخلافاً لذلك ، فإن العلاقة التي تستند على الترهيب والعنف والسيطرة على العقل لا تكون واضحة. والمرأة التي تقع تحت تأثير الضارب ، لا تكون ضحية للسيطرة على العقل ، ولكنها تكون ضحية لسوء اختياراتها الخاصة. وهذا لا يعني أننا لا ينبغي أن نتعاطف مع محنتها أو تقديم المساعدة التي تريدها. حيث أنها تكون في هذا الوضع بسبب سوء حظها وبسبب سلسلة الخيارات السيئة ، وليس بسبب السيطرة على العقل أو بافتراض بأن تلك المرأة ليست مريضة نفسياً. وفي هذه الحالة يكون من الطبيعي أن رجلها ليس هو من خفض قدرتها على الاختيار الحر. وقد يستفيد المعتدي من هذا الوضع ، ولكنه لا يخلقه.
يتيح الخاطفون والمحققون للمُجَنِدين تنمية مجموعات روحية أو دينية أو مجموعات نمو الشخصية. وقد تختلف تكتيكات المُجَنِدين اختلافاً جوهرياً عن تلك التي تخص الخاطفين أو المحققين. ولا يقوم المُجَنِدون عموماً بخطف أو اعتقال المجندين ، ولا يعرف عنهم أنهم يستخدمون التعذيب كوسيلة من وسائل التحويل النموذجي. وهذا يثير مسألة ما إذا كان يتم التحكم في ضحاياهم دون موافقتهم. ولا يعتبر بعض المجندين ضحايا حقاً للسيطرة على العقل ولكن يكونون أعضاء برغبتهم في مجتمعاتهم. وبالمثل ، لا ينبغي اعتبار العديد من المجندين في الديانات السائدة ضحايا للسيطرة على العقل. ولا يعتبر تغيير السمات الأساسية للشخص ، وحمله على التصرف بطرق متناقضة بأنماط من السلوك على مدى الحياة ، وحمله على تغيير معتقداته وقيمه الأساسية ، بالضرورة سيطرة على العقل. حيث يعتمد الأمر على كيفية نشاط الشخص في المشاركة في التحول الخاص به. وربما تعتقد أنت وأنا أن أي شخص يخرج من عقله للانضمام إلى طائفة السينتولوجيا ، ولا تعتبر معتقدات شهود يهوه أو الإخوة جيم روبرتس "معتقدات وسلوكيات جنونية" أكثر شراسة عن تلك التي يتبعها الملايين من معتنقي التيار الديني الرئيسي الذين قبلوا الانخراط فيه.
ويبدو أن بعض المجندين في تيارات الديانات الغير رئيسية قد تم غسل أمخاخهم والسيطرة عليها لدرجة أنهم يفعلون شراً عظيماً لأنفسهم أو لغيرهم بناء على طلب قائدهم ، بما في ذلك القتل والانتحار. ويصبح بعض هؤلاء المجندين في حالة من الضعف الشديد عندما يتم تجنيدهم لكي يستفيد مجنديهم من تلك الثغرات فيهم. وقد يصير هؤلاء المجندين مشوشين أو بدون ركيزة بسبب صعوبات المرحلة الانتقالية العادية (مثل طلاب الجامعات الجدد) ، ويتعرضون لظروف حياتية صعبة (مثل الفشل في الدراسة أو الحصول على وظيفة جديدة) ، أو حتى الأحداث المأساوية الشخصية (مثل موت الأصدقاء المقربين أو الأعزاء) ، أو الأحداث العالمية (مثل الحرب أو الإرهاب). وقد يصاب البعض بمرض عقلي أو اضطراب عاطفي أو اكتئاب شديد بسبب سوء استخدم العقاقير أو التعرض للاعتداء على أيدي الآخرين ، الخ ، ولكن لن يكون لمصلحة الطائفة تجنيد المضطربين عاطفياً بشكل نشط كما قال أحد المجندين في عبادة معينة.
وللطوائف الدينية أيديولوجيات وممارسات مُعقدة بحيث يجد المضطربين عقلياً أو عاطفياً صعوبة في استيعابها. وهذه الهياكل هي التي تسمح للطوائف الدينية بالسيطرة على الشخص. والطوائف الدينية لا ترغب في الأشخاص الذين يصعب السيطرة عليهم.
- وفي حين أن بعض المجندين قد يكونون ضعفاء للغاية أمام أولئك الذين يرغبون في السيطرة على أفكارهم وأفعالهم ، فإن المُجَنِدين يبحثون عن الأشخاص الذين يمكن أن يضعفوهم. وقد قال المجند المذكور أعلاه أيضاً بأن الطوائف الدينية تبحث عن الأشخاص الأقوياء والأذكياء والمثاليين كما تبحث أيضاً عن الأغنياء بغض النظر عن وضعهم العقلي.
والهدف هو جعل المجندين ضعفاء ، لحملهم على التخلي عن أي سيطرة ذاتية على أفكارهم وأفعالهم. كما أن الهدف هو جعل أعضاء الطائفة يشعرون بأنهم مسافرين على متن سفينة بلا دفة في بحر عاصف. والمُجنِد أو زعيم الطائفة هو من يمسك بالدفة وهو الوحيد الذي يمكنه أن يوجه السفينة إلى بر الأمان.
والتقنيات المتاحة للتلاعب بالضعفاء هي كثيرة للغاية وإحداها هي لمنحهم الحب الذي يشعرون بأنهم لا يحصلون عليه في أي مكان آخر ، وإقناعهم بأنه من خلالهم ومن خلال مجتمعاتهم سيتمكنون من العثور على ما يبحثون عنه ، حتى لو لم يكونوا قد حصلوا على دليل بأنهم يبحثون عن أي شيء ، وكذلك إقناعهم بأنهم يثقون في القائد وأن القائد يثق فيهم ، وإقناعهم بأن أصدقائهم وعائلاتهم من خارج المجموعة هم عوائق لخلاصهم. وعن طريق عزلهم ، يمكن فقط منحهم ما يحتاجون إليه ، وإغداق الحب عليهم ، وأن القائد هو فقط من يحبهم وأنه على استعداد للموت من أجلهم ، فلماذا لا يموتون من أجل القائد؟ ولكن الحب وحده هو ما يمكن القائد من الفوز بهم أكثر. ويعتبر الخوف هو حافز كبير ، حيث يخشى المجند أنه إذا غادر فإنه سوف ينهار ، وخوفه من أنه إذا لم يتعاون فإنه سيتعرض للمحاكمة ، وخوفه من أنه لا يستطيع القيام بذلك وحده في هذا العالم البائس. ويجب على القائد أن يصيب المجند بجنون العظمة.
والحب والخوف قد لا يكونان كافيان ، ولكن يجب أن يستخدم " التذنيب " أيضاً عن طريق تحميل المجندين بذنوب كثيرة مما يجعلهم يرغبون في تنظيف أفكارهم ، وتذكيرهم بأنهم لا يشكلون شيئاً بمفردهم ، ولكنهم يعتبرون مع القائد والإله (أو بعض السلطات أو التقنيات) هم كل شيء ، وجعلهم يحتقرون أنفسهم حتى يتسنى لهم أن يكونون غير أنانيين ويتحلون بإنكار الذات ، وبأنهم ملك للقائد ، وجعلهم لا يشعرون بأي شعور ذاتي ، وإقناعهم بأن المثالية هي التخلي عن الذات ، ومواصلة الضغط بلا هوادة ، وإذلالهم من وقت لآخر ، ومن ثم سيشعرون بأنه يجب عليهم إذلال أنفسهم ، والتحكم فيما يقرءون ويسمعون ويرون ، وتكرار الرسائل على العيون والآذان. وحملهم بالتدريج على تقديم التزامات صغيرة في البداية حتى يستحوذ القائد على كل ممتلكاتهم وأجسادهم وأرواحهم. ولا ينسى القائد أن يعطيهم المخدرات ، ويقوم بتجويعهم ، أو يطلب منهم التأمل أو الرقص أو الهتاف لساعات حتى يعتقدون بأنهم يخضعون لنوع من التجارب الروحية ، وجعلهم يعتقدون بأن "القائد هو الإله الذي جعلهم يشعرون بحالة جيدة للغاية" مما يجعلهم لا يرغبون في التخلي عن ذلك ، وبأنهم لم يشعروا بالرفاهية قبل ذلك مطلقاً ، وبأنه على الرغم من شعورهم بوجود الجحيم في الخارج ، فإن الداخل هو جنتهم.
فما هو الدين الذي لا يستخدم " التذنيب " والترهيب لحمل الناس على تنظيف أفكارهم ؟ حتى أن بعض المعالجين يستخدمون أساليب مشابهة للسيطرة على مرضاهم ، ويقتاتون على الضعفاء ، ويطلبون الولاء التام والثقة كثمن للأمل والشفاء. وكثيراً ما يعزلون فرائسهم عن أحبائهم وأصدقائهم ، كما يحاولون تملك عملائهم والتحكم فيهم . ولا تختلف أساليب المُجَنِدين كثيراً. فهل يكون المجندين والمعتنقين للأديان والمرضى على استعداد لأن يكونوا ضحايا ؟ وكيف يمكننا التفريق بين الضحية الراغبة من الضحية الغير راغبة؟ وإذا لم نستطع أن نفعل ذلك ، عند ذلك لا يمكننا أن نميز الحالات الحقيقية من السيطرة على العقل.
ولا يستخدم المُجَنِدين والمتلاعبين الآخرين السيطرة على العقل إلا إذا قاموا بحرمان ضحاياهم من إرادتهم الحرة. ويمكن القول بأن شخص ما قد حُرم من إرادته الحرة من قبل شخص آخر فقط إذا قدم هذا الشخص الآخر عامل سببية لا يقاوم. فكيف يمكننا إثبات أن سلوك فرد ما هو نتيجة لأوامر لا تقاوم قدمت له من قبل شخصية قيادية روحية أو دينية ؟ ، ولا يكفي القول بأن السلوك الغير عقلاني يثبت أن الإرادة الحرة للشخص قد سلبت منه. وقد يكون من غير العقلاني تخلي الفرد عن جميع ممتلكاته أو تكريس كل وقته وقوته لتلبية رغبات زعيم ديني أو محاولة الانتحار أو زرع قنابل سامة في مترو الأنفاق لأنه أُمر بذلك ، ولكن كيف يمكننا تبرير ادعاء مثل هذه الأفعال الغير عقلانية بأنها أفعال صادرة من روبوتات بدون عقل؟ ، ونحن نعرف جميعاً أن أكثر الأفعال الغريبة والغير إنسانية والغير عقلانية التي يقوم بها المجندين هي تتم بحرية وعن علم وبسعادة. وربما هي تتم من قبل أشخاص مدمري العقول أو مجانين. وفي كلتا الحالتين ، فإن مثل هؤلاء الناس لا يكونون ضحايا للسيطرة على العقل.
ولا ينبغي ترك النظر في أفعال الخاطفين والمحققين مثل أفعال العزل المنهجي والسيطرة على المدخلات الحسية والتعذيب. فهل تسمح لنا هذه الوسائل بمحو قشرة المخ وكتابة رسائلنا الخاصة فيها؟ وهل يمكننا حذف الأنماط القديمة وزرع أنماط جديدة من الفكر والسلوك في ضحايانا؟ ، وينبغي الإشارة أولاً إلى أنه ليس كل فرد تعرض للخطف ، يشعر بالحب أو العاطفة نحو خاطفيه. ومن المحتمل أن يصل بعض المختطفين أو المعتقلين إلى حالة من التبعية الكاملة لجلاديهم. حيث يوضعوا في موقف مماثل لما كان في سن الرضاعة ويبدءون بالاتحاد مع جلاديهم بقدر ما يتحد الرضيع مع الشخص الذي يغذيه ويوفر له الراحة. وهناك أيضاً سحر غريب يتملك معظمنا عند الترهيب. فنحن نخشاهم ونكرههم ولكن غالباً ما نرغب في الانضمام لعصابتهم وأن نكون محميين من قبلهم.
ولا يبدو من المرجح أن الأشخاص الذين يقعون في الحب مع خاطفيهم أو الذين يقومون بدور ضد بلادهم تحت وطأة التعذيب ، هم ضحايا للسيطرة على العقل. وهناك بالتأكيد بعض التفسيرات حول سبب تصرف بعض الناس مثلما فعلت " باتريشيا هيرست" ، ولماذا لم يصبح الآخرون في ظروف مماثلة مثل "تانيا". ومن المشكوك فيه أن السيطرة على العقل ينبغي أن تلعب أكثر من دور في التفسير. حيث تنجذب بعض النساء إلى رجال العصابات ولكن يكون لديهن القليل من الفرص للتفاعل معهم. ونحن لسنا بحاجة للعودة إلى السيطرة على العقل لنفسر لماذا تقربت " باتريشيا هيرست" بشدة مع أحد خاطفيها الإرهابيين. وربما اعتقدت بأنها يجب أن تفعل ذلك حتى تنجو ، وربما تكون أيضاً قد انجذبت له حقاً. ومن يدري؟ فلعل السيطرة على العقل هو أفضل دفاع عن "تغيير الرأي حول الحياة الإجرامية" عند مواجهة اتهامات بسرقة بنك واتهامات بالقتل.
وأخيراً ... يُعتقد على نطاق واسع أن الصينيين نجحوا في غسيل أمخاخ أسرى الحرب الأمريكيين خلال الحرب الكورية ، ولكن الدليل على نجاح أساليبهم في التعذيب والعزل والحرمان الحسي وما إلى ذلك للسيطرة على عقول أسراهم هو غير موجود. وهناك عدد قليل جداً (22 من 4500 أو 0.5 ٪) من الذين أُسروا من قبل الصينيين عادوا إلى الجانب الآخر (ساذرلاند 1979 ،ص 114). وترجع أسطورة نجاح الصينيين أساساً إلى أعمال "إدوارد هانتر" ، الذي تعرض لغسيل المخ في الصين الحمراء وهو كتاب "التدمير المحتسب لعقول البشر" (نيويورك : مطبعة فانجارد ، عام 1951) والذي لا يزال يشار إليه بواسطة أولئك الذين يرون أن تكتيكات السيطرة على العقل هي مصدر خطر كبير في هذه الأيام. وقد قامت وكالة الاستخبارات المركزية بنشر معظم أعمال "هانتر" في جهودها الرامية إلى ترسيخ الكراهية للكوريين الشماليين والشيوعية وشرح لماذا لا يكره بعض الجنود الأمريكيين العدو ، ولتعظيم دورهم بالقول بأنهم هم من يجب عليهم وضع تقنيات غسيل المخ من أجل مواكبة العدو "(ساذرلاند 1979 ، ص 114).
ويبدو إذاً أنه إذا عرفنا السيطرة على العقل كتحكم ناجح في أفكار وأفعال الآخرين دون موافقتهم ، عند ذلك تكون السيطرة على العقل غير موجودة سوى في أعمال الخيال. ولسوء الحظ ، فإن هذا لا يعني أنها ستسير دائماً على مثل هذا المنوال.
No comments:
Post a Comment